اغلاق
اغلاق

الدكتور منصور عباس: خطاب يبعثر أوراق السياسة الإسرائيلية ويعيد تموضع المجتمع العربي رغما عن أنف محاولات الإقصاء 

Wazcam, تم النشر 2025/01/05 21:29

الدكتور منصور عباس: خطاب يبعثر أوراق السياسة الإسرائيلية ويعيد تموضع المجتمع العربي رغما عن أنف محاولات الإقصاء 


بقلم : الاستاذ عبد الكريم عزام 


في مقابلاته الأخيرة عبر وسائل الإعلام المحلية والعربية، طرح الدكتور منصور عباس خطابًا سياسيًا متماسكًا، متينًا، وشجاعًا، يهدف إلى كسر المعادلات التقليدية التي لطالما عملت على تهميش المجتمع العربي وإقصائه من دائرة التأثير السياسي في إسرائيل. 


هذا الخطاب لم يكن مجرد تصريحات عابرة، بل رؤية استراتيجية محكمة تحمل رسائل متعددة الأطراف، تُعيد ترتيب الأوراق السياسية في الحكومة والمعارضة على حد سواء، وتضع المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني في موقع الفعل والتأثير بدلاً من التهميش والصمت.


في هذا السياق يأتي طرح الدكتور منصور عباس لمبادرة السلام بين الشعبين من عربي فلسطيني ومواطن في دولة إسرائيل، كما صرّح في لقائه لقناة سكاي نيوز، 
ثم طرحه فكرة قبوله التواجد كجسم مانع في حال أوقفت هذه الحكومة الحرب في القنوات العبرية. فقط ضمن هذا السياق وتداعيات الحرب وسياسات الحكومة العنصرية تأتي هذه اللقاءات لتواجه الواقع بتأكيد الحضور وإبقاء التأثير وعدم الانكفاء والتقهقر نحو مزيد من الصمت والقبول. 


رسالة إلى الحكومة العنصرية


وجّه الدكتور منصور عباس رسالته الأولى إلى الحكومة الإسرائيلية الحالية، مؤكّدًا أن استمرار الحرب والتحريض العنصري الممنهج، الذي يقوده شخصيات مثل بن چڤير وأعوانه، ليس مقبولًا ولا يمكن أن يستمر كأمر واقع. إن هذه السياسات التي تهدف إلى تأجيج الصراع وزيادة التوتر لا تُشكّل خطرًا فقط على المجتمع العربي، بل تهدد استقرار الحكومة نفسها.


في هذا السياق، تطرح “الموحدة” نفسها كقوة متزنة قادرة على مواجهة هذا التطرف وفضح سياساته أمام العالم. 


موقف الدكتور عباس يُظهر بوضوح أن المشكلة لا تقتصر على أفراد بعينهم، بل هي جزء من بنية السياسات العنصرية التي تتبناها هذه الحكومة بأكملها. هذا الخطاب يحرج الحكومة محليًا ودوليًا، ويُظهر أن الحلول لا تأتي من التطرّف وإنما من الاعتراف العادل بحقوق الجميع.


رسالة إلى المعارضة الصهيونية


لم تكن المعارضة الصهيونية بمنأى عن رسائل الدكتور عباس. فقد وجّه لها نقدًا حاسمًا وصريحًا بشكل غير مباشر، مؤكدًا أن تجاهلها للموحدة مراراً وتصريحات قادتها يتنازلهم عن التحالف مع الموحدة مستقبلاً خطأ استراتيجي يُضعفها ويقوّض دورها. هذه الأحزاب، التي تعتقد أن إقصاء العرب وتجاهلهم يخدم مصالحها، تُطلق النار على أقدامها بهذا النهج. فلا يُمكن وفق كلّ الاستطلاعات تشكيل حكومة بديلة لهذه الحكومة العنصرية دون الصوت العربي. 


لذلك كان الدكتور عباس حريصاً أن يذكّر هذه الأحزاب بأن “الموحدة” قد دخلت الساحة السياسية في الماضي عبر مفاوضات مع الليكود، وهي اليوم تقف في موقع قوة يجعل من المستحيل تجاوزها أو تجاهلها. لذلك فعندما يطرح امكانية وجود الموحدة كجسم مانع لهذه الحكومة  يعيد بذلك ترتيب أوراق المعارضة كما الحكومة، ويؤكد أن العرب في الداخل قوة سياسية متماسكة ومؤثرة، لا يمكن إنكارها أو تهميشها وهي ليست في جيب أحد. 


رسالة إلى القوى والفصائل الفلسطينية والدول العربية


في رسالته إلى الفصائل والقوى الفلسطينية، دعا الدكتور عباس إلى الخروج من حالة الجمود السياسي خاصة لدى السلطة الفلسطينية التي باتت تسيطر على مواقفها. مؤكداً أن إنقاذ غزة ووقف نزيفها  يتطلب مبادرة عملية وشجاعة تُحاكي الواقع بدلًا من الركون إلى الشعارات الجوفاء أو الاستمرار في حالة المراوحة والتخاصم الفصائلي. 


أما للدول العربية، فقد وجّه الدكتور عباس رسالة لا تقل صراحة بسلسلة لقاءاته عبر منصات إعلامية عربية . فشدد مراراً على أن مليوني فلسطيني في الداخل يواجهون قضايا حارقة، ولا يعانون من أزمة هوية كما يعتقد البعض ومن حق الفلسطينيين في الداخل التركيز على تثبيت وجودهم والدفاع عن حقوقهم الوطنية، كجزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وكمواطنين في دولة إسرائيل.


رسالة إلى المجتمع العربي في الداخل


الرسالة الأكثر أهمية كانت موجهة إلى المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني نفسه. دعا الدكتور عباس، بوضوح وحزم، إلى الخروج من مرحلة الاحتجاج التقليدي والصمت السياسي. وأكد على ضرورة مواجهة محاولات تحييد المجتمع العربي عن اللعبة السياسية في إسرائيل، ومحاولات نزع شرعية خطابه الوطني التي تغذيها جهات مثل بن چڤير وأعوانه.


خطاب الدكتور عباس لا يقتصر على الدفاع عن الحقوق، بل يسعى إلى إعادة تموضع المجتمع العربي كقوة سياسية مركزية، قادرة على التأثير وصنع القرار، بعيدًا عن التبعية والخضوع. إنه دعوة صريحة إلى العمل السياسي المتزن والمدروس، الذي يحوّل المجتمع العربي إلى لاعب رئيسي في صياغة المستقبل السياسي لإسرائيل.


مرحلة جديدة من الفعل والتأثير


خطاب الدكتور منصور عباس ليس مجرد رد فعل على سياسات عنصرية أو تجاهل متعمد من المعارضة، بل هو استراتيجية شاملة تهدف إلى إعادة تموضع المجتمع العربي في الداخل كلاعب سياسي رئيسي. هذه الرسائل تحمل معها مشروعًا وطنيًا وسياسيًا يُواجه العنصرية والإقصاء بالوعي السياسي والحنكة.


الدكتور عباس، بخطابه المتين والواثق، يُؤكد أن المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني لن يبقى على هامش الأحداث، بل سيصبح قوة فاعلة تصنع القرارات وتُعيد تشكيل المعادلات، في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. إنه خطاب مرحلة جديدة، تضع العرب في الداخل في قلب المشهد السياسي الإسرائيلي رغم كل محاولات إقصائه سواء الإقصاء الذاتي أم الإقصاء السلطوي، تضعهم كشركاء في القرار وأصحاب تأثير حقيقي على مسار الأحداث.

heightقد يهمك ايضا